ما هي حقيقة تعذيب الشرطة للمعارضين السياسيين؟

أحد, 25/05/2025 - 18:08

تابعت حلقة من حلقات الأخ الزميل الداه يعقوب، حول "تعذيب الشرطة للمعارضين" مع شخص يدعى الطالب ولد لمرابط ، ظهر مؤخرًا في فيديو يهاجم رئيس الجمهورية و وزير الداخلية.

لن أعقب على مداخلات ضيوف الحلقة، و لا على ما تعرض له هذا الشخص و لا على كلامه الذي لا أوافقه عليه. سوف أعقب فقط على ما ذكر في مرة سابقة عن السجن الذي أشار إليه في معرض حديثه عن التعذيب لأنني كنت نزيلا في هذا السجن على خلفية اشتباه بالإرهاب.

بالنسبة لتجربتي مع الأمن السياسي، فقد تم اعتقالي في وقت متأخر من الليل، رغم إبلاغي من العائلة بعد عودتي إلى المنزل عن تحرك لسيارة مشبوهة وصلت في المساء إلى حينا، و سألوا عني مما أثار الشكوك حول السيارة و ظنت الوالدة أطال الله في عمرها، أنني متابع من عصابة خطيرة، لكنني طمأنتها و بدأت أهيؤها نفسيا لما هو أسوء. 

عندما أيقظني أحد أفراد العائلة، خرجت فوجدت عنصرًا من الأمن بالزي المدني وطلب مني مرافقتهم في سيارة من نوع مرسيدس 190، و أخبرت أخي الأكبر (عسكري) بالأمر و طلبت منه أن يطمئن الوالدة بأنني ذهبت مع أصدقائي و سوف أعود، و كان أكبر خطأ أن العائلة لم تعرف من هو الجهاز الأمني الذي اعتقلني، و آلمني كثيرًا مرض الوالدة، خاصة و أنهم صادروا هاتفي، و بالرغم من لباقتهم و طيبة رفقتهم قبل أن يسلموني لجهة أخرى، فقد كان هذا الإعتقال أشبه بالإختطاف.

بدأ التحقيق معي من طرف ضابط من (شرطة مكافحة الإرهاب) أشهد له بالمهنية العالية و لم أسمع منه خارج التحقيق إلا كلامًا طيبًا و باستثناء سخونة غرفة التحقيق أظن بسبب الأضواء القوية، لم أتلقى خلال التحقيق أي أذى آخر. 

بعد انتهاء التحقيق على مرحلتين لتعميق البحث قرأ الضابط علي محضر الإستجواب، و سألني هل هذا ما صرحت به ثم طلب مني التوقيع؛ فقلت له هذا فعلا ما صرحت به، لكن من يدري أن ما سأوقع عليه تصريح مختلف، و لم يزد إلا أن ابتسم.

و أغتنم هذه الفرصة لأحييه على مهنيته العالية و أخلاقه السمحة.

بعد التحقيق أحالني الضابط إلى فرقة المداومة في شرطة مكافحة الإرهاب الملاصقة لمفوضية الشرطة القريبة من بلدية تفرغ زينة، و تفاجأت أنهم وضعوني في سجن على ما أذكر يتكون من 8 زنازين صغيرة متقابلة، طول كل زنزانة حوالي 2م و عرضها 1و40سم

و كان في السجن 5 أشخاص واحد منهم سنغالي معتقلون على خلفية الإرهاب.

عند قدومي، دخلت سيارة من نوع تويوتا تحمل صحنًا كبيرًا (طبسيل) مليء بعشاء عليه كمية هائلة من اللحوم

و طلبوا مني الإنضمام للنزلاء من أجل العشاء، لكنني اعتذرت لهم بأنني تناولت العشاء في الدار،

بعد العشاء سمحوا لنا بجلسة شاي، قبل الدخول إلى الزنازين، التي كان يبدو من تصميم البناء و أبوابها الحديدية القوية، أنها مخصصة للسجناء من النوع الخطر. 

و رغم أن الظروف قادتني لهذه التجربة ــ و أنا الصحفي و السياسي المعارض حينها للنظام ــ فقد كان البرنامج اليومي على النحو التالي: 

ــ حوالي ثلثي اليوم في الزنزانة

ــ استراحة خارج الزنزانة خلال أوقات الفطور و الغداء و العشاء و السماح بحصة رياضة و الحمام

أسوء شيء لقيته في السجن انتشار الناموس لأنني طلبت بحجة التهوية تبديل زنزانتي بأخرى نصف بابها مفتوح، و لكن معتقلي "السلفية" تبرعوا لي بناموسية و فراش، جزاهم الله خيرًا.

لم أتلقى أي تعذيب و لا إهانة، بل كان جميع عناصر الشرطة، بمختلف رتبهم في قمة الإحترام و الإنسانية، و حتى عندما حضرت و استجوبني بعد ذلك مدير أمن الدولة ــ رغم أنني واثق من نفسي و لست محل شبهة إطلاقًا و لكن فهم كلامي خطأ ــ فقد تعامل معي بود يماثل حب الأب لإبنه، " أبلغني أحدهم بعد ذلك أنه غادر المنصب لمهمة أخرى" لكنني أحييه بالمناسبة و أحيي جميع أفراد الشرطة الذين يسهرون على أمن هذا الوطن و لا نشك في وطنيتهم.

 

 

الصحافي: سيد أحمد ولد ابنيجاره

  

بحث