
في ليلة الثاني من مايو الجاري وقعت حادثة في المجال الجوي السوري كادت أن تتحول إلى تصادم مباشر بين طائرات عسكرية إسرائيلية وتركية.
تركيا تحاول إسقاط مقاتلات إسرائيلية
وذكرت مصادر أن طائرات مقاتلة تركية كانت تحلق في سماء سوريا أرسلت إشارات تحذيرية للطائرات الإسرائيلية التي كانت تنفذ عملية قرب دمشق.
وباستخدام أنظمة الحرب الإلكترونية، أرسل الطيارون الأتراك إشارات تشويش، وبعدها جرى تبادل لاسلكي قصير بين الطاقمين، مما ساعد على تجنب التصعيد.
وتسلط هذه الحادثة، التي تأتي في ظل الضربات الإسرائيلية على أهداف عسكرية في سوريا، الضوء على التوترات المتزايدة بين إسرائيل وتركيا، اللتين تتنافسان على النفوذ في المنطقة.
وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن طائرات إسرائيلية هاجمت أهدافا مرتبطة بالبنية التحتية العسكرية السورية، بما في ذلك منطقة قريبة من القصر الرئاسي في دمشق.
بدورها، عززت القوات الجوية التركية دورياتها في الأجواء السورية، في إطار المحادثات بشأن التعاون العسكري مع الحكومة السورية المؤقتة برئاسة أحمد الشرع.
وكانت هذه الحادثة هي المرة الأولى في السنوات الأخيرة التي تكون فيها الطائرات الإسرائيلية والتركية على اتصال وثيق إلى حد أن الاتصال المباشر كان ضروريا لمنع الصدام.
ورفض مسؤولون من الجانبين التعليق، لكن وزارة الخارجية التركية قالت إنها تعتبر تصرفات إسرائيل في سوريا "مزعزعة للاستقرار" و"تهدد الأمن الإقليمي".
ويأتي سياق الحادث في ظل التدهور الحاد في العلاقات بين أنقرة والكيان الصهيوني إسرائيل بفلسطين المحتلة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
وتسعى تركيا، التي دعمت الميليشيات السورية، إلى تعزيز نفوذها في سوريا من خلال تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية للحكومة الجديدة.
وعلى وجه الخصوص، تتفاوض أنقرة على نشر قواتها في قاعدتي تي فور وحماة الجويتين، وهو ما يسبب قلقاً لإسرائيل، التي تهيمن تقليديًا على المجال الجوي السوري.
من جانبها، صعدت إسرائيل غاراتها الجوية على الأهداف العسكرية السورية في محاولة لمنع تركيا من كسب الأرض ونقل الأسلحة إلى سوريا.
وبحسب وكالة رويترز، شنت القوات الجوية الإسرائيلية في 3 أبريل 2025 سلسلة من الضربات على قاعدتي تي فور وحماة الجويتين، ما أدى إلى تدمير بنيتهما التحتية بشكل كامل تقريبا، بما في ذلك مدارج الطائرات ومستودعات الأسلحة.
وقال محللون إن الهجمات كانت تهدف إلى تعطيل خطط تركيا لنشر طائراتها وأنظمة الدفاع الجوي هناك، بما في ذلك أنظمة إس-400 الروسية.
وفي تعليقه على الوضع، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن أنقرة لا تسعى إلى المواجهة مع إسرائيل، لكنها ستدافع عن مصالحها في سوريا.
في الوقت نفسه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن إسرائيل لن تسمح بظهور "قوى معادية" على حدودها، متهماً تركيا بمحاولة إقامة "حماية" في سوريا.
وأدانت الحكومة السورية الضربات الإسرائيلية ووصفتها بأنها "تصعيد غير مبرر" وأعربت عن دعمها للمحادثات مع تركيا بشأن الدفاع المشترك، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
في الوقت نفسه، أشار الرئيس الشرع في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست إلى أن سوريا لا تنوي تهديد إسرائيل، لكنها تحتفظ بحق التعاون مع أي شركاء لاستعادة الأمن.
وتتفاقم التوترات أيضًا بسبب المشاكل الداخلية في سوريا: فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل أربعة من أفراد وزارة الدفاع السورية وإصابة العشرات الآخرين، مما تسبب في استياء بين السكان المحليين.
وكانت حادثة الطائرات المقاتلة مؤشرا مقلقا على هشاشة التوازن الإقليمي.
وبحسب موقع "ذا وور زون"، تدرس تركيا نشر أنظمة دفاع جوي متطورة من طراز "حصار" في القواعد السورية، وهو ما قد يحد من حرية عمل الطائرات الإسرائيلية.
وهذا بدوره يفرض على إسرائيل تكثيف عملياتها الاستخباراتية وتنفيذ ضربات استباقية.
ويشير المحللون في معهد دراسة الحرب إلى أنه لا يمكن منع المزيد من التصعيد إلا من خلال وساطة أطراف ثالثة مثل الولايات المتحدة أو روسيا.